العربية
تبصير الأمة بالخلل والأخطاء
في الاحتجاج باستحداث التصوير بالأضواء
مستل من كتاب (بزوغ ضياء الفجر الوضاء على سحر مسألة التصوير بالأضواء)
لمؤلفه:
عبد الرحمن بن مِيهُوب القَدَّاري
مقدمة المؤلف
بسم اللّه الرحمن الرحيمإن الحمد للّه، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد: فهذا بيان لبطلان شبهة الاحتجاج بعدم وجود التصوير الضوئي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لتحليله.
وقد استللته من كتابي (بزوغ ضياء الفجر الوضاء على سحر مسألة التصوير بالأضواء) لتيسير النشر، سائلين الله نفعه وذخره في الدنيا والآخرة.
لم يكن التصوير الضوئي معروفا في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم
إذن لا يتضمنه حكم الصور.الجواب:
أساس هاته الشبهة هو نفي كون التصوير الضوئي تصويرا، وظنه شيئا لم يكن من قبل.
قالوا:
هو من المباحات، إذ لم يكن معروفا في زمن الوحي، فلم يرد فيه نص تحريم، وأصل الأشياء على الإباحة.أقول: قد وردت نصوص عديدة في تحريم التصوير ولعن المصورين عموما، فهو من الكبائر.
فإن قالوا:
نعم، ولكن هذا ليس بتصوير.قيل لهم: لا نوافقكم على هذا، ولكن لنسلم لكم جدلا على أنه ليس بتصوير، فما هو؟ الظاهر أنكم لا تعرفون، ولا يصح الحكم على شيئ بالإباحة دون التعرف على ماهيته.
فإن قالوا:
بل نعرف، هو كالمرآة، مجرد عكس، والمرآة أحلها النبي صلى اللّه عليه وسلم.أقول: فها قد اعترفتم بأنه وجد في زمن الوحي. فسقط احتجاجكم بذلك، وبقي احتجاجكم بالمصطلحات وتشبيه التصوير بالعكس، وهذا لا يصح لما فصلنا من قبل [في الكتاب الكامل].
فإن قالوا:
لا نعني أنه كالمرآة تماما، ولكن مجرد تشبيه، فليس هو بتصوير وليس بمرآة، بل يشبهها.قيل لهم: عدنا إلى عدم صحة الحكم على شيئ بالإباحة دون معرفة ماهيته، فإن لم يكن التصوير الضوئي لا تصويرا ولا مرآة، فما هو بالتفصيل الذي لا يبقي غموضا؟
وقولكم أنه "كالمرآة وليس بمرآة"، فكمن قال أن "الكوكايين كالدقيق وليس بدقيق". فكونه يشبه شيئا حلالا لا يدل على حله.
وهاته الشبهة أشبه بقول من يقول:
بما أن الكوكايين لم يكن موجودا في زمن الوحي، فلم يرد نص بتحريمه، وأصل الأشياء على الإباحة. وليس هو من المخدرات، فهو لا يخدر، بل ينشط ويزيد من الانتباه. عليك فقط مراعاة الجرعة، فهو كالقهوة، ولكن مفعوله أقوى، وليس هناك من يقول بأن القهوة حرام لأنها تؤثر على العقل وتنشطه. فالأمر سيان مع الكوكايين. فإن قيل أنه "يسبب مشاكل صحية وتصرفات عنف"، فليس بذاك حجة لتحريمه لذاته، فمثله مثل السكر والقهوة، لو أكثرت منهما لكان لهما أثرا على صحتك وتصرفاتك. وهناك العديد من الأشخاص الذين يتصرفون بعنف لو لم يشربوا القهوة، وما ذاك إلا لإدمانهم عليها.ترى كيف الشبهة خطيرة؟ فهي غلط وتقوم بطمس العديد من الحقائق (منها كيفية تأثير الكوكايين على الدماغ ومعنى المخدرات والتخدير)، ومع ذلك تبدو مقنعة.
ثم، الزعم أن "ما تنتجه المصورة ليست بصورة، فإطلاق هذا الاسم عليها خطأ، فهي مجرد عكس" يشبه قول من يقول "الكوكايين ليس بمخدر، فإطلاق هذا الاسم عليه خطأ، بل هو منبه"، مع أن القول الأخير أصح — وليس صحيحا، فانتبه بارك اللّه فيك —.
والمقصود أنه لا يصح الحكم على شيئ بناء على فهم لم يُعتمد في تحصيله على خبرة المختصين المتمرسين.